قصص قصيرة للكاتب الفنزويلي غابرييل خيمينيز إيمان

غابرييل خيمينيز إيمان Gabriel Jiménez Emán:

كاتب، وشاعر ومترجم وصحفي فنزويلي. ولد في العاصمة الفنزولية كاراكاس، حاز على العديد من الجوائز الأدبية، وله العديد من الأعمال الأدبية والشعرية ومنها: في الرواية، حفلة لا تنسى، قصائد قصصية مدنسة.

Gabriel Jiménez Emán

قصص قصيرة للكاتب الفنزويلي غابرييل خيمينيز إيمان

 

سمكة نادمة

بكى فرانك تورا إلى أن تحوّل إلى سمكة. ولكنه بعد ذلك ندم كثيراً لأنه بكى، إذ إنه كره كونه سمكة (فلا معنى ولا قيمة لدموعها في أعماق البحر)، وهكذا من كثرة ما بكى من أنه تحوّل إلى سمكة، أصبح فرانك تورا الرجل- السمكة الوحيد الموجود، وهو يعتقد الآن أنه لن يعثر عليه أحد كي يسأله لماذا ذرف دموعاً كثيرة.

أرشيف المنسيات

مما لا شك أنَّنا كلنا سنواجه لحظة التذكر، إلا أن أرنستو لن يكون سعيداً وسيكون الأمر صعباً عليه. فهو يعيش ليتذكر أن عليه أن ينسى ماضيه، وهو لا يفكر أبداً في المستقبل، لأنه يخاف من فكرة نسيان الذكريات التي سيتركها له الحاضر، حاضره المرعب، أرشيف منسياته.

لذلك عندما يصل وقت التـذكر سيجد أرنستو نفسه في إشكالية تذكر ما كان عليه أن أن يتذكر أن ينساه.

ألف قصة وقصة في سطر

أراد أن يكتب ألف قصة وقصة في سطر، ولكنه لم يكتب إلا قصة واحدة.

المتاهة

عندما خرج من باب المتاهة الأول، كان ينتظره ما هو أصعب عند الباب الثاني: أن يدخل في نفسه.

المنهج الاستنتاجي

عندما فتح الجريدة، رأى أن القاتل يصوب مسدسه نحوه من الصورة.
أغلق الجريدة على الفور قبل أن تخترق الرصاصة صدره.
وضع الجريدة إلى جانبه وآثار الدخان تتطاير منها.

إلى الأبد

كان ذلك الرجل يفكر بالأبد كثيراً،
إلى درجة أنه في ظهيرة يوم ما بقي نائماً واختفى.

سماء صغيرة

حين أموت لا أريد الذهاب إلى سماء شاسعة لا حدود لها، تتحقق فيها جميع الوعود والرغبات. لن أنخدع، فأنا أعرف أنني أستحق ذلك: فقد كنت طول حياتي طيباً مع الآخرين، وضحيت من أجلهم. كما أنني لم أكن سيئاً مع أحدٍ قط، ولا حتى على سبيل النسيان أو السهو.

الإيجاز

اقتنعتُ أن الإيجاز هو مجرد فكرة مثالية لا توجد إلا في الخيال:
أقتنع بهذا عندما أقرأ سطراً ويبدو لي أكثر طولاً من حياتي نفسها،
وعندما أقرأ رواية تبدو لي أقصر من الموت.

الدليل الدامغ

اليوم حلمت أنني مت:
هذا هو الدليل الدامغ الذي أتركه للآخرين،
والذي يبرهن أنني مررت في هذه الأرض.

Gabriel Jiménez Emán

حوار في مقهى

– لا معنى لهذه الحياة
– أتفق معك: لا معنى لها.
– إذاً، لماذا نعيش؟
– نعيش فقط من أجل هذا: من أجل أن نعيش ولا شيء آخر.
– أو ربما من أجل أن نموت
– لا، هذا أمرٌ آخر. فالموت مستقل.
– بينما نعيش نرى أنفسنا نموت. هذا أمر يعرفه الجميع.
– ولكننا لا ننتبه له جيداً
– ننتبه له عندما نكبر في العمر فحسب، ولكن يكون الوقت قد تأخر ولا حاجة لنا بعد لهذه المواساة، لأننا نكون قد عشنا.
– لا أستطيع دحض ما تقوله، ولو أنك تقوله بنبرة حتمية.
– حتميٌّ أنا؟
– نعم. تتحدث كما لو أن الحياة يجب أن يكون لها معنى. أي معنى؟ أسأل نفسي.
– معنى أن نحب، أن نبدع، أن ننجب أطفالاً، ما أدراني أنا؟
– هذا أمر آخر: هي كذلك أشياء لا معنى لها.
– أنت الذي تبدو حتمياً الآن.
– ربما. لا أحد يستطيع أن يقول إنني شكيٌّ.
– يبدو أننا بدأنا ندخل في قضايا فلسفية.
– ربما كان هذا المعنى الوحيد للحياة: أن ندرك أن لا معنى لها.
– لا، فهذه مفارقة سهلة.
– نعم، إنها مفارقة، ولكن ليست سهلة.
– كما لو أننا أضحوكة لإله ما.
– نعم، شيء من هذا القبيل
– نحن متفقان إذاً.
– متفقان.
– إلى اللقاء.
– إلى لا لقاء.

الرجل ذو القدمين الضائعتين

في أحد الأيام دخلت قدمان ضيّعتا صاحبهما إلى أحد البارات لتشرب البيرة.
– معذرةً- قال البوّاب- ممنوع الدخول دون حذاء.
– آه، معك حق. قالت القدمان. وسرعان ما ذهبتا إلى محل أحذية. هناك تم معاملتهما بأفضل طريقة ممكنة: عثرتا على زوج أحذية وانتعلتاه . ثم ذهبتا إلى البار مرة أخرى. سُعد البوّاب لرؤيتهما مجدداً أنيقتين ومحميتين، وسمح لهما بالدخول.
أما الرجل الذي فقد قدميه، فقد شعر بضيق كبير، وكان بحاجة إلى الذهاب هو كذلك لشرب البيرة الباردة، فالطقس حار جداً لا يطاق.

وهكذا بعد معاناة استطاع الرجل أن يصل إلى التكسي، وطلب من السائق أن يوصله إلى أقرب بار. عندما وصل إلى باب البار، قال له البوّاب:
– معذرة يا سيد، هنا لا يمكن الدخول دون قدمين.
– لا يمكنك أن تفعل هذا معي- قال الرجل- تعرف كم هو صعب أن تجد قدمين في هذه الساعة وهذا الحر.
– كلا، ليس صعباً- قال البواب-. منذ قليل دخلت قدمان هنا.
– إنها قدماي، لا شك في ذلك، فقد اعتدنا أن نشرب البيرة في مثل هذا الوقت دائماً. دعني أدخل.
– لا أستطيع- أجاب البواب-. سأقوم باستدعائهما لك، انتظر قليلاً.
وهكذا ذهب البواب للبحث عن القدمين، في حين سُر الرجل لهذه المصادفة. عندما عاد البواب بصحبة القدمين، لم يستطع الرجل تمييزهما، فقد كانتا ترتديان حذاء غريباً.
– ماذا تريد؟ قال الحذاء
– أريد أن أعرف إن كانت هاتان القدمان لي- أجاب الرجل-، فأنا بحاجة لهما للدخول إلى البار.

راح زوج الأحذية يفك ربطته وكشف عن القدمين. يا لها من مفاجأة، فالرجل لم ير قدميه. وهكذا لبست القدمان الحذاء مجدداً، وكانتا مسرورتين جداً لأنهما لا تنتميان إلى أحد. أما الرجل فقد كان حزيناً جداً: لم يتمكن من شرب البيرة في تلك الظهيرة.

المصدر
جدلية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى